

الخط الحديدي الحجازي الأردني
يُعدّ الخط الحديدي الحجازي-الأردني من أقدم المعالم التراثية المرتبطة بتاريخ الأردن الحديث، إذ يعود هذا الارتباط إلى تاريخ قيام الثورة العربية الكبرى، فعندما أطلق الشريف الحسين بن علي الرصاصة الأولى إيذاناً بعصر جديد، كان لا بد من قطع طرق الإمدادات التركية، وهذا ما قام به الثوار، فقد قاموا بقطع أجزاء من الخط الحديدي، وفي أعقاب الثورة تم إصلاح الجزء المعطَّل والذي يقع قريباً من مدينة معان.
كما أن أحد مباني الخطّ الحجازي في مدينة معان، اتُّخذ في عام 1920 مقراً رسمياً للمغفور له جلالة الملك عبدالله بن الحسين -طيّب الله ثراه- قبل قدومه إلى عمّان على متن أحد قطارات هذا الخط في عام 1921. وبحسب صحيفة "الحق يعلو" أُطلق على هذا المبنى اسم "مقر الدفاع الوطني".
وكان الخطّ الحديدي الحجازي-الأردني قد أُنشئ في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، بهدف إحكام قبضة الدولة العثمانية وسيطرتها على المناطق التي يمر فيها الخطّ، لتيسير الحجّ، وتسهيل سفر الحجاّج إلى الأراضي المقدسة. وكانت هناك دوافع وأهداف سياسية وعسكرية توخّاها السلطان عبد الحميد من إنشاء الخط، تتمثل في دعم فكرة حركة الجامعة الإسلامية التي تهدف في جوهرها إلى جمع القوى الإسلامية وتوحيدها لمقاومة الأطماع الأوروبية في العالم الإسلامي.
وصدرت الإرادة السلطانية بالشروع في تنفيذ المشروع بتاريخ ٦ جمادى الأولى 1318 هـ، الموافق ١ أيلول ١٩٠٠م، والذي يصادف الذكرى الخامسة والعشرين لجلوس السلطان عبد الحميد على العرش.
وشُكّلت لجنة مركزية عليا مقرّها الأستانة برئاسة الصدر الأعظم، تتولى جميع الأعمال الإدارية للمشروع، كتدبير الأموال، وجمع التبرعات اللازمة، وتأمين مواد البناء، وتعيين المهندسين والموظفين.
وبدأ العمل في المشروع من قرية المزيريب الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة درعا السورية، وذلك لأن شركة فرنسية كانت قد أنشأت سكة حديدية ربطت بين دمشق والمزيريب عام ١٨٩٤ واتخذت طريق الحجّ السامي لتكون مسلكاً للخط الحديدي الحجازي لتوافر مصادر المياه على طول هذه الطريق.
وجرى تدشين القسم الأول من الخط بين عمّان ودرعا في ١ أيلول ١٩٠٣، وبعد شهر واحد جرى افتتاح القسم الثاني (بين درعا وعمّان)، وفي 1 أيلول 1904 افتُتح القسم الثالث (بين عمّان ومعان)، وفي 1 أيلول ١٩٠٧ افتُتح القسم الرابع (بين معان وتبوك)، وفي 1 أيلول ١٩٠٨ أقيم احتفال بمناسبة وصول خطّ الحديد إلى المدينة المنورة. وتقدَّر مسافة الخط الحديدي الحجازي بين دمشق والمدينة المنورة بـ ١٣٠٢ كيلومتراً.
ومن أبرز محطات الخط الحديدي الحجازي-الأردني: المفرق، والخربة السمراء، والزرقاء، وعمّان، واللُّبَّن، والجيزة، وضبعة، وخان الزبيب، وسواقة، والقطرانة، والمنزل، وفريفرة، والحسا، وجرف الدراويش (جروف)، وعنيزة، والجردان، ومعان، وبير الشيدية-الأبيض، وبطن الغول، والمدوَّرة، بالإضافة إلى محطات الفرع الجنوبي، مثل السمنة، والمريغة، ورأس النقب.
وتعدّ محطة الخط الحديدي الحجازي في معان من أكبر المحطات الرئيسية الواقعة على الخط، حيث تشتمل على حوالي 24 مرفقاً بين مبانٍ للإدارة، ومستودعات، ومباني صيانة، وخزانات مياه، ومباني خدمات صحية، وغير ذلك من المرافق التي تؤمّن جميع الخدمات المطلوبة للمسافرين.
ومن الجدير بالذكر أن الأمير عبدالله بن الحسين قد اهتم بالخط الحديدي الحجازي-الأردني، وعمل على تسليم إدارته إلى حكومة شرقي الأردن بتاريخ 3 كانون الثاني 1926، وأصبحت للخط مديرية قائمة بذاتها. وفي عام 1930 صدر قانون سكة الحديد الحجازية.
وبهدف الحفاظ على تراث الخط الحديدي الحجازي-الأردني، أُنشئ متحف داخل حرم محطة عمّان بدأ العمل فيه عام 1999. وفي عام 2003 أصبح المتحف يضم في زواياه أكثر من 250 مفردة تشتمل على لوحات جدارية تعبّر عن مراحل تطور القطارات ابتداء من القاطرة البخارية الأولى التي صمّمها المخترع البريطاني "ستيفن" وانتهاءً بما وصلت إليه التكنولوجيا من تصاميم حديثة في هذا المجال. كما تُعرَض في المتحف صور الملوك الهاشميين وشجرة نسب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.
ويضم المتحف أيضاً مواد استُخدِمت أو ما زالت تُستخدَم في تشغيل القطارات وتسييرها، ومجسَّماً ترابيّاً يبيّن خطّ سير القطار ومحطّات توقّفه بين الحدود السورية ومعان.