الإعمار الهاشمي
لمقامات الأنبياء والصحابة والشهداء

الإعمار الهاشمي لمقامات الأنبياء والصحابة والشهداء

أولى المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيّب الله ثراه، ومن بعده جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، مواقعَ الأنبياء والصحابة والشهداء الكرام، كلَّ رعاية واهتمام وأمروا بتطويرها وبناء المساجد والمجمعات الإسلامية عليها، وإعطائها المكانة التي تليق بأصحابها وبتضحياتهم في سبيل الإسلام ورسالته السمحة، والمحافظة على ذاكرة المكان، وإبراز هذه المواقع لتكون معالم خالدة على مر العصور وتعاقب الأجيال.

وترجمةً لهذه الرؤى، قام المغفور له الحسين بتشكيل لجنة خاصة لترميم وصيانة أضرحة الصحابة والشهداء الفاتحين في الأردن وبناء مساجد في مواقعها بتاريخ 9 آب 1984.

وجاء في رسالة جلالته: "لقد شاءت إرادةُ الله أن نحمل الأمانة متحدّرةً إلينا كابراً عن كابر في هذه البقعة المقدّسة على مشارف بيت المقدس الأسير العابقة بنجيع القادة الفاتحين، الأرض التي سار على أديمها الأطهارُ من الصحابة والتابعين: عمر وخالد وابن عمير وأبي عبيدة وشرحبيل وجعفر وزيد وضرار ومعاذ وصلاح الدين وغيرهم ممن عملوا لوجه الله أو قضوا في سبيله شهداء مقاتلين، التربة التي ازدهرت فيها الدعوةُ الهاشمية حيث سقى نبتَتَها الإمامُ محمد بن الحنفية وعلي بن عبدالله بن عباس".

وأضاف جلالته: "هذا الثرى الطهور الذي لامس أقدامَ محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، فشرّفنا الله سبحانه بوجودنا عليه وحمّلَنا مسؤوليةَ حمايته ورعايته وصون كنوزه التي ورثناها عن الأوائل الأبرار، معالم تنطق بالعز والمجد وتحكي فصولاً مشرقة عن بطولات مَن حملوا مشاعل الحق والحرية والإيمان إلى سائر أركان المعمورة".

وأكد جلالته أنّ من واجب العرفان نحو مَن صنعوا لنا كنوزَ الأردن، "أن نحفظ تلك الكنوز ونحميها وأن نعيش تلك المعاني ونهتدي بها"، موضحاً أنّ الشعب الأردني "الوفي لتراثه، والأمين على تاريخ أمته، لم يغفل يوماً عن العناية بهذه المعالم الإسلامية، سواء كانت مواقع تاريخية أو أضرحة شهداء وقادة، كما لم يقصّر يوماً في التعبير عن المعاني السامية التي ورثها عن هؤلاء واستوحاها من جليلِ أعمالهم، ولا قصّر في العمل وفق مبادئ الدين الحنيف، فتطوّع لبناء المساجد والأضرحة، وتبرّع لصيانتها وتجهيزها وترميمها، مثبتاً أن الخير في هذه الأمة باقٍ إلى يوم الدين".

وأمر جلالته بتأسيس صندوق للتبرعات لهذه الغاية السامية، مقدّماً للصندوق مخصصاته المالية السنوية كاملةً، وداعياً إلى دراسة احتياجات ومتطلبات كل موقع على حدة لوضع الخطة المناسبة لبناء المسجد وتطوير الموقع، وتنظيم مسابقة عامة لوضع أفضل التصاميم الهندسية التي تجسّد فن العمارة الإسلامية.

وفي رسالة وجّهها إلى رئيس الوزراء الشريف زيد بن شاكر (9 حزيران 1992)، قرر جلالته تخصيص مبلغ نصف مليون دينار من ماله الخاص لتغطية جميع نفقات إعمار مسجد ومقام جعفر بن أبي طالب في الكرك. كما خصّص جلالته الأموال اللازمة لترميم وصيانة وتطوير مقام نبي الله شعيب عليه السلام، ومقام يوشع في محافظة البلقاء، ومسجد إربد الكبير في محافظة إربد.

وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، شهد الإعمار الهاشمي للأضرحة توسعاً كبيراً وشاملاً في جميع أرجاء المملكة. وقد روعي في هذا الإعمار أن تكون الأضرحة مجمعات خير شاملة، تعمل على تجسيد المثُل والقيم السامية التي يمثلها الصحابة والشهداء، تحْيي المكان وتلبّي المتطلبات والحاجات الإيمانية والتربوية والعلمية والثقافية.

وقد شمل الإعمار الهاشمي لمقامات الأنبياء والصحابة والشهداء، مقامات الصحابة في المزار الجنوبي في محافظة الكرك: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة، قادة معركة مؤتة الخالدة رضوان الله عليهم، والذين استُشهدوا فيها.

وشمل الإعمارُ مسجد الصحابي الجليل أبي عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه- ومقامه في منطقة الأغوار الوسطى، ومسجد الصحابي الجليل ضرار بن الأزور -رضي الله عنه- ومقامه في منطقة الأغوار الوسطى، ومسجد الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة -رضي الله عنه- ومقامه في منطقة الأغوار الشمالية، ومسجد الصحابي الجليل عامر بن أبي وقاص -رضي الله عنه- ومقامه في منطقة الأغوار الشمالية، ومسجد الصحابي الجليل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- ومقامه في منطقة الأغوار في الشونة الشمالية، ومسجد الصحابي الجليل الحارث بن عمير الأزدي -رضي الله عنه- ومقامه في محافظة الطفيلة.

كما شمل الإعمارُ الهاشميُّ الشجرةَ التي استظلّ بظلّها الرسولُ محمد -صلى الله عليه وسلم- أثناء تجارته إلى الشام في منطقة البقيعاوية بالصفاوي شرق المملكة، ومسجد الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- ومقامه في مدينة مادبا، ومقام الصحابي الجليل بلال بن رباح -رضي الله عنه- في منطقة وادي السير، وتطوير موقع أهل الكهف في منطقة الرقيم/ الرجيب جنوب عمّان، ومسجد الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- ومقامه في منطقة الجبيهة، وتطوير موقع التابعيّ أبي سليمان الداراني في مدينة الشوبك، ومسجد النبي شعيب -عليه السلام- ومقامه في وادي شعيب/ السلط، ومسجد النبي يوشع -عليه السلام- ومقامه في مدينة السلط، ومسجد النبي هارون -عليه السلام- ومقامه في مدينة وادي موسى، ومسجد النبي هود -عليه السلام- ومقامه في روابي مدينة جرش.

وأنجزت اللجنة الملكية الصيانة اللازمة لعدد من المشاريع، ومنها: كهف النبي عيسى -عليه السلام- في منطقة أم قيس في محافظة إربد، وترميم مقام الصحابي الجليل أبو الدرداء -رضي الله عنه- في بلدة سوم الشناق في محافظة إربد. وشملت الترميمات مقام الخضر -عليه السلام- في بلدة ماحص، ومقام الصحابي الجليل ميسرة بن مسروق العبسي -رضي الله عنه-، ومسجد ومقام حزير عليه السلام في مدينة السلط.

وعُنيت اللجنة بترميم مقام النبي نوح -عليه السلام- في محافظة الكرك. وتعدّ عمليات الترميم والبناء التي جرت في مساجد ومقامات الصحابة والشهداء -رضي الله عنهم-في بلدة المزار الجنوبي، من أضخم عمليات الترميم والتوسعة والصيانة.

معرض الصور