الدستور الأردني لعام 1946

الدستور الأردني لعام 1946

وهو الدستور الثاني الذي تعاقب على الدولة الأردنية، الذي تزامن صدوره مع إعلان استقلال إمارة شرق الردن عن الانتداب البريطاني وتحويلها إلى المملكة الأردنية الهاشمية .وتعود بدايات إصدار هذا الدستور إلى آذار /مارس من العامر 1946 عندما وقعت حكومة شرق الأردن معاهدة صداقة وتحالف مع الحكومة البريطانية التي تم بموجبها إلغاء الانتداب وظهور شرق الأردن كدولة مستقلة ذات سيادة .وقد عرضت هذه المعاهدة على مجلس الوزراء الذي قرر قبولها بتاريخ 30 آذار 1946، ومن ثم انعقد المجلس التشريعي الخامس في دورة غير عادية بتاريخ 22/5/1946 ،عقد المجلس التشريعي جلسته الثالثة في تلك الدورة وأصدر القرار الآتي : "تحقيقا للأماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي أعربت عنها المجالس البلدية الأردنية في قرارتها المبلغة إلى المجلس التشريعي ،واستناداً إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية ،وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 512 بتاريخ 3جمادي الآخرة 1365هـ الموافق 15/5/1946 فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على أساس النظام الملكي النيابي ،مع مبايعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها "عبدالله بن الحسين المعظم " ز كما بحث امر تعديل القانون الساسي الأردني على هذا الأساس بمقتضى اختصاصه الدستوري ولدى المداولة والمذاكرة تقرر بالإجماع المور التالية :

أولاً: إعلان البلاد الأردنية دولة مستقلة استقلالا تاما وذات حكومة ملكية وراثية نيابية.

ثانياً: البيعة بالملك لسيد البلاد ومؤسس كيانها وريث النهضة العربية "عبدالله بن الحسين المعظم" بوصفه ملكاً دستورياً على رأس الدولة الأردنية بلقب حضرة صاحب الجلالة "ملك المملكة الأردنية الهاشمية "

ثالثاً: إقرار تعديل القانون الأساسي الأردني طبقاً لما هو مثبت في لائحة قانون تعديل القانون الساسي الملحق بهذا القرار.

رابعاً: رفع هذا القرار على سيد البلاد عملاً بأحكام القانون الأساسي ليوشح بالإرادة السنية حتى إذا اقترن بالتصديق السامي عد نافذا حال إعلانه على الشعب. وتولت الحكومة إجراءات تنفيذه مع تبليغ ذلك إلى جميع الدول بالطرق السياسية المرعية ".

فكرد فعل على هذه الظروف والتحولات السياسية والتاريخية التي أصبحت تعيشها البلاد، وكان أهمها تحقيق الاستقلال وتحول الدولة من إمارة إلى مملكة تم إدخال تعديلات جوهرية على القانون الأساسي لعام 1928، إلا ان المطالب الشعبية قد دفعت نجو إصدار جديد فتم إلغاء القانون الأساسي لعام 1928، ووضع دستور جديد ينظم شؤون البلاد اقره المجلس التشريعي في28 تشرين الثاني 1946، غلا أن نشره ودخوله حيز التنفيذ كان بتاريخ الأول من شهر شباط للعام 1947.

وعن أسلوب نشأة دستور الاستقلال لعام 1946 ،فأنه يعتبر من الدساتير التي نشأت عن طريق العقد ، إذ تتلخص هذه الطريقة بان مظاهر السيادة تفوض من قبل الشعب إلى الحكام لممارستها على النسق الذي عرضه الشعب وقبله الحاكم ،فيبرم العقد بينهما .من هنا فإن فكرة العقد تقوم على أساس سيادة الشعب وتفويض تلك السيادة للحاكم لممارستها نيابة عنهم وباسمهم وما يثبت صحة هذا التكييف الديباجة التي استهل بها دستور 1946 ، الذي جاء فيها ما نصه نحن عبدالله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية وبمقتضى المادة (19) من القانون الأساسي وبناء على ما قرره المجلس التشريعي في جلسته المنعقدة بتاريخ 28 تشرين ثاني 1946 نصادق على القانون الآتي ونأمر بإصداره .

وقد نص هذا الدستور في المقدمة من المادة (1-4) على ان المملكة الأردنية الهاشمية دولة مستقلة ذات سيادة، دينها الاسلام وهي حرة مستقلة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه ونظام الحكم فيها ملكي وراثي وأن عمان عاصمة المملكة وشكل الراية ومقاييسها.

وجاء في الفصل الأول (حقوق الشعب) من المادة 5-21 تحديد الجنسية، وان الأدنيين أمام القانون سواء، وأن الحرية الشخصية وحرية الرأي مكفولتان.

وتضمن الفصل الثاني (الملك وحقوقه) من المادة (22-32) أن الملك هو رأس الدولة العلى وهو مصون وغير مسؤول، وأنه هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي يصدر الأوامر بإجراء الانتخابات لمجلس النواب ويدعوا مجلس الأمة إلى الاجتماع ويفتتحه ويؤجله ويفضه ويحله، وهو الذي يعين رئيس الوزراء والوزراء ومسؤوليتهم تجاه الملك وهو الذي يقيلهم أو يقبل استقالتهم.

ونص الدستور في الفصل الثالث (التشريع ) من المادة( 33-54) أن السلطة التشريعية تناط بمجلس الأمة والملك ،ويتألف مجلس النواب من ممثلين منتخبين طبقاً لقانون الانتخاب الذي ينبغي فيه التمثيل العادل للأقليات ،وشروط عضوية المجلسين ورئاستهما وحق مجلس الوزراء أن يضع قوانين مؤقتة عندما يكون مجلس غير منعقد شريطة أن لا تخالف أحكام الدستور ،يتألف مجلس النواب من عشرين عضواً ينتخبون بطريقة مباشر من قبل الشعب ،وعلى أن يكون عدد أعضاء مجلس الأعيان نصف عدد أعضاء مجلس النواب يعينهم الملك من الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعماله وخدماتهم للوطن والأمة. يجتمع مجلس الأعيان عند اجتماع مجلس النواب وتوقف جلساته معه، وتكون دعوة مجلس الأمة على الاجتماع في بداية شهر تشرين الثاني من كل عام لدورة عادية ولمدة ثلاثة أشهر إلا إذا حل المجلس النواب يجرى انتخاب عام ويجتمع المجلس الجديد في دورة فوق العادة بعد تاريخ الحل بأربعة أشهر على الأكثر ويقسم أعضاء المجلسين بعد تشكيل مجلس الأمة (يمين الإخلاص للملك والمحافظة على الدستور وخدمة الأمة والقيام بالواجبات الموكولة إليهم خير قيام).

كما نص الدستور على أن رئيس الوزراء او الوزير الذي يكون عضواً في أحد المجلسين حق التصويت في مجلسه وحق الكلام في كلا المجلسين، أما الوزراء الذين ليسوا من أعضاء أحد المجلسين فلهم ان يتكلموا دون أن يكون لهم حق التصويت، يضع كل من المجلسين الأنظمة الداخلية لضبط وتنظيم إجراءاته، وتصدر قرارات المجلس بأكثرية الأصوات ماعدا الرئيس الذي لا يصوت إلا عند تساوي الأصوات فيعطى صوت الترجيح.

يعرض رئيس الوزراء مشروع كل قانون على مجلس النواب فإذا قبل ما عرض عليه يرفع إلى مجلس الأعيان ولا تعتبر المشاريع قوانين مالم يوافق عليها المجلسان ويصدقها الملك. وإذا رفض احل المجلسين مشروع قانون مرتين وأصر الثاني على قبوله تتم جلسة مشتركة من أعضاء المجلسين برئاسة رئيس مجلس الأعيان للمفاوضة في المواد المختلف عليها فقط. فاذا قبلت المشروع أكثرية المجلس المشترك معدلة أو غير معدلة فإنه يعتبر مقبولاً من كلا الجنسين ولكن المشروع لا يعتبر قانونا مالم يصدق عليه الملك. ويجوز لأي عضو من أعضاء المجلس ان يطرح على بساط البحث أية مسألة بشأن أي أمر له صلة بالإدارة العامة ولا يوقف أحد أعضاء المجلس ولا يحكم في مدة اجتماع المجلس مالم يصدر من المجلس الذي هو منتسب إليه قرار بالأكثرية بوجود سبب كاف لمحاكمته. ولكل عضو ملء الحرية في التكلم ضمن حدود نظام المجلس الذي هو منتسب إليه، ولا تتخذ إجراءات قانونية من أجل أي تصويت أو أي رأي يبديه او خطاب يلقيه أثناء مذكرات المجلس. وإذا أوقف عضو لسبب ما خلال المدة التي لا يكون المجلس منعقداً يبلغ رئيس الوزراء المجلس عندما يعيد اجتماعاته الإجراءات المتخذة مع الايضاح اللازم.

الفصل الخامس (الإدارة) من المادة (69-70) وينص على تعيين موظفي الدولة والتقسيمات الإدارية والشؤون البلدية في مدن المملكة الأردنية الهاشمية.

ويتناول الفصل السادس (قوانين المملكة الأردنية الهاشمية) المادة (71) ونفاذ هذه القوانين.

ويتناول الفصل السابع مواد مختلفة من المادة (72-78) كيفية تأدية الضرائب، والمخصصات والنفقات والعمل بقانون الدفاع في حالة حدوث طوارئ تهدد أمن البلاد.

اما الفصل الثامن (الالغاءات) المادة (79) فنص على ان هذا الدستور يلغي القوانين التي كان معمولاً بها قبل صدور الدستور الجديد.

كان هذا الدستور خطوة في الاتجاه الصحيح وتحسناً ملموسا على القانون الأساسي لعام 1928 حيث نص على مبدأ الاستقلال، وأن نظام الحكم ملكي وراثي نيابي مما جعل السلطة تشريعية مناطة بالملك ومجلس الأمة ،ونظام المجلسين له بعض المزايا من اهمها إعطاء صورة صحيحة للميول المختلفة للشعب ،ثم أن هذا الدستور أقرب ما يكون للنظام البرلماني فلا يقوم على أساس فصل السلطات فصلا تاما وإنما على أساس تعاونها ،فأناط السلطة التنفيذية بالملك ومجلس الوزراء ،والسلطة التشريعية بالملك ومجلس الأمة .بحيث لم يأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات بشكل دقيق بحيث لا يكون للسلطة التنفيذية أية علاقة بأعمال التشريع .بل أخذ الدستور بمفهوم مرن يتماشى مع منطق النظام البرلماني ،فأجاز للسلطة التنفيذية إصدار قوانين مؤقتة إذا كان مجلس الأمة غير منعقد ،ودعوة مجلس الأمة للانعقاد وحل مجلس النواب ،واقترح مشروعات القوانين .وفي الجانب الاخر لم يفصل هذا الدستور بين صلاحيات مجلس الأمة والسلطة التنفيذية فأعطى للسلطة التشريعية حق الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وخول الدستور لأي عضو من مجلس الأمة أن يطرح على بساط البحث أية مسألة بشأن أي أمر له صلة بالإدارة العامة .إلا أنه مع هذه التحسينات الملموسة التي تضمنها الدستور لم يأخذ بمبدأ مسؤولية الوزارة أمام الملك فقط ولم يمنح مجلس الأمة حق النظر أو التصديق أو الرقابة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية .