راية الثورة العربية الكبرى

راية الثورة العربية الكبرى

عندما انطلقت الثورة العربية الكبرى من الحجاز (10 حزيران 1916) لم تكن الظروف قد سمحت لقادتها بتصميم العلَم العربي القومي، لذلك رفع الثوار علَمَ الأشراف التقليدي، وهو يتألف من قطعة قماش بلون واحد هو الأحمر (العنّابي).

وقد نشرت صحيفة "القِبلة" في عددها رقم (82) بتاريخ 8 حزيران 1917، بياناً رسمياً أُقر فيه رفع العلَم العربي ابتداء من يوم التاسع من شعبان 1335هـ، الموافق للذكرى الأولى لقيام الثورة. ونصّ البيان على أنّ الراية تتألف من الألوان الثلاثة المتوازية؛ الأسود والأخضر والأبيض، وأن هذه الألوانَ يرتبط بها مثلثٌ ذو لون أحمر (عنّابي).

وأوضحت الصحيفة أن اللون الأسود هو رمز راية "العقاب" التي كان النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يرفعها في حروبه، وهو اللون نفسه الذي اتخذه العباسيون لراياتهم. أما اللونان الأخضر والأبيض فهما من الشعارات التي رفعها العرب قديماً. واللون الأحمر العنّابي هو لون الراية التي اعتاد الأشراف أن يرفعوها منذ عهد الشريف أبي نُمّي.

وفي 13 آذار 1922، صدر بلاغ رسمي في العدد رقم (568) من صحيفة "القبلة" جاء فيه: "بما أن اللون الأبيض قد كان وضْعُه بالعلم العربي الهاشمي أساساً بأسفله، وبهذه الحالة لا يُرى على الوجه المطلوب، فعليه تَقرّر بمجلس الوكلاء وصدرت الإرادة السنيّة بتبديله بالشكل الآتي بيانه: جعل الأبيض وسطاً، والأخضر في محل الأبيض، والأسود في محله كما كان بصفته الأصلية".

ومنذ ذلك الحين، ظلت هذه الألوان الأربعة لراية الثورة العربية الكبرى تؤلف ألوان أعلام عدد من الدول العربية التي تستند إلى جذور قومية تاريخية مشترَكة. وقد برزت هذه الألوان في تصميمات متعددة.

ويمتلك الأردن رايةَ الثورة العربية الكبرى بنموذجها الأصلي، وهي واحدة من رايتين بقيتا منذ بدايات انطلاق الثورة العربية الكبرى، بينما توجد الراية الأخرى في المتحف الحربي الإمبراطوري في لندن.

وصَمّم هذه الراية، التي صُنع منها عدد قليل في تلك الفترة، الشريفُ الحسين بن علي، قائدُ الثورة العربية الكبرى.

وكان الأردن قد استعاد هذه الراية، التي كانت تُعرض في قاعة "سوذبي" في لندن المختصة بالمقتنيات التراثية العريقة والقديمة، بناءً على توجيهات ملكية.

وخلال احتفال جرى عام 2012 بمناسبة يوم الجيش والثورة العربية الكبرى، قدّم جلالة الملك عبدالله الثاني هذه الراية الأصلية إلى القوات المسلحة الأردنية حامل لواء الثورة العربية الكبرى، هذا الجيش الذي شكّل الجيشُ الشرقي الذي قاده الأمير (الملك المؤسس) عبدالله (الأول) بن الحسين نواتَه الأولى خلال الثورة العربية.

وألقى الشاعر الأردني حيدر محمود، بين يدَي جلالته قصيدة بالمناسبة قال فيها:

"والشريفُ الحسينُ, يشرق شمساً في عيونِ الأبناءِ, والأحفادِ
وينادي: سلمتَ يا قرةَ العيــنِ الذي صان رايةَ الأجـــــدادِ
هيَ أمُّ الراياتِ, أعطت وتعطي كل حــرٍّ (شهـــادةَ الميــلادِ)
سيدي, سيدَ الرجالِ, وعيدُ الجيشِ أحلى وأكرمُ الأعيادِ
سوفَ تبقى (هذه الهديةُ) للفرسانِ مزروعةً بكلِ فؤادِ
فهيَ أغلى من كل غالٍ, وأعلى من نخيلِ الدنيا, نخيلُ بلادي
فأقيمي, يا من يقيمُ (أبو الثوارِ) فيها الصــلاةَ فــي الميـعــادِ
قادمٌ جيشكِ الذي تشهدُ (الصخرةُ), كمْ في الرحابِ من أكبادِ
إنهُ قادمٌ, فقولي لأبوابكِ أن نلتقي ببابِ الوادِ".

وترفرف راية الثورة العربية الكبرى على سارية ترتفع 132 متراً شُيّدت في عام 2004 بجوار بيت الشريف الحسين بن علي في مدينة العقبة. وجرت مراسم رفع الراية هناك برعاية ملكية سامية من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم.

دلالات راية الثورة العربية الكبرى

الأسود: راية العقاب، وهي راية الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم. وقد اتخذه العباسيون شعاراً لهم.

الأخضر: هو الشعار الذي اشتُهر به آل البيت عليهم السلام. وقد اتخذه الفاطميون شعاراً لهم.

الأبيض: اتخذه الأمويون شعاراً لهم.

الأحمر (العنّابي): هو شعار الهاشميين منذ عهد جدِّهم الشريف أبي نُمّي.

نشيد علَم الثورة العربية الكبرى

يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
يا علَم العُرْبِ اشرُقِ واخفُقِ في الأفقِ الأزرقِ
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
يا نسيجَ الأمهات في الليالي الحالكات
لبنيهنّ الأُباة
كيف لا نفديك.. كلُّ خيطٍ فيك
كيف لا نفديك.. كلُّ خيطٍ فيك
دمعةٌ من جفنهن.. قُبلةٌ من ثغرهنّ...خفقةٌ من صدرهنّ
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
سرْ إلى المجد بنا وابنِ منا الوطنا
سرْ إلى المجد بنا وابنِ منا الوطنا
قد حلفْنا للقنا
حلفةً تُرضيك.. أننا نسقيك
من دماء الشهداء... من جراح الكبرياء.. عشتَ للمجد سماء
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم
يا علَم العُرْبِ اشرُقِ واخفُقِ في الأفقِ الأزرقِ
يا علَمي يا علَم.. يا علَمي يا علَم.

الشاعر بشارة الخوري (الأخطل الصغير)