

قصر المصلَّى“المشتى”
بُني قصر المصلَّى في عهد جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول في الشونة الجنوبية الواقعة في الغور الأردني بين الضفتين الغربية والشرقية لنهر الأردن. واختير له هذا الموقع ليكون مشتى لجلالة الملك في فصل الشتاء، ومن هنا عُرف أيضاً بـ"قصر المشتى".
وقد أطلق الملك المؤسس اسمَ "المصلّى" على هذا القصر، لأنّ صلاة العصر أو المغرب كانت تقام فيه دائماً بعد عودة جلالته من القدس التي كان يحرص على أداء صلاة الجمعة فيها. إذ يُبعد قصر المصلّى عن القدس حوالي 50 كيلومتراً فقط.
يحيط بقصر المصلّى من الخارج سور بسيط الارتفاع له بوابة ضخمة على شكل قوس، وعلى جانبيها حجرات صغيرة للحراسة. وتؤدي البوابة إلى حديقة مزروعة بالورود والنخيل، يتوسطها القصر البسيط والمتواضع، المبنيّ من قِطَع الحجر الصغيرة على الطراز المعماري الإسلامي الذي يتمثل في الأقواس والجدران السميكة.
ويتكون القصر من جناحين رئيسيَّين يصل بينهما ممرّ. أولهما الجناح الأيمن، وفيه مكتب جلالة الملك الذي يحتوي حالياً على مجموعة من الصور الخاصة بالملك الحسين بن طلال أيام الطفولة وصورة لسرب من الطائرات بالإضافة إلى حجرات استقبال. وثانيهما الجناح الأيسر الذي يضم حجرة استقبال وطعام. ويقع المصلّى إلى جوار القصر من الخارج، وهو عبارة عن مكان مخصَّص للصلاة يتوسطه محراب، سقفه من الخشب والقرميد، وأرضيته من البلاط.
وتأتي أهمية هذا القصر من موقعه ومن الأحداث التي شهدها، فهو صلةُ الوصل بين الأردن وفلسطين، وهو مهوى فؤاد الملك المؤسِّس نحو القبلة الأولى (القدس) ومقدساتها (المسجد الأقصى وقبة الصخرة) وضريح والده الشريف الحسين بن علي.
وشهد قصر المصلّى خطاب الملك المؤسس عبدالله الأول في وداع جيش الإنقاذ في حرب 1948 بحضور أمين عام الجامعة العربية عبدالرحمن عزام. وفيه، تقبّل الملك المؤسس من أهل الضفة الغربية وثائق المبايعة وطلب توحيد الضفتين عام 1950.
كما احتضن قصر المصلّى مناظرات ومساجلات شعرية كثيرة شارك فيها إلى جانب الملك عبدالله الأول، العديدُ من شعراء عصره، ومن أبرزهم مصطفى وهبي التل (عرار) ووديع البستاني. ويقول جلالته في ذلك:
لِقَصْرِ المصلّى إذْ بهِ الوردُ يانعُ ألستَ تراه مثلما كانَ يا فتى
وروى جلالة الملك الحسين بن طلال -طيّب الله ثراه- في كتابه (Uneasy Lies the Head) قصة تعرّفه على سمو الأميرة منى في قصر المصلّى قائلاً: "كان أول لقاء في حفل خاص غير رسمي في فيلّا الشتاء الصغيرة في الشونة". كما أجريت في حديقة القصر في مطلع السبعينات، مقابلة تلفزيونية مع جلالة الملك الحسين وهو يرتدي اللباس العسكري تحدث فيها عن القضية الفلسطينية، في إشارة إلى الأهمية التاريخية للقصر ودور جدّه الملك المؤسس في الدفاع عن هذه القضية.