مؤتمر القمة العربي غير العادي الرابع (٨-١/11/١٩٨٧)
قرر مجلس جامعة الدول العربية في دورته الطارئة التي عُقدت في تونس في 20 أيلول 1987، أن يُعقد مؤتمر قمة في عمّان، وعلى إثر ذلك قام جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، بتوجيه الدعوات لقادة الدول العربية، وبذل مساعيَ حثيثة من أجل تأمين حضور الجميع وتقريب وجهات النظر بينهم.
وكان المؤتمر الذي عُقد في عمّان خلال الفترة 8-11 تشرين الثاني 1987، اجتماعاً غير عادي بالمعنى الحرفي، لأن المؤتمرات السابقة كانت تُعقد للاتفاق على مواقف موحدة إزاء مشكلات محددة في إطار توفر حدّ أدنى من الوفاق القومي، أما قمّة عمّان التي عُقدت في غياب ذلك الحد الأدنى، فبدا واضحاً أن مهمتها الأساسية مزدوجة، إذ كان عليها توفير الوفاق القومي، ومن ثم الاتفاق على مواقف موحدة. وقد شاركت جميع الدول العربية (باستثناء مصر) في هذا المؤتمر الذي عُرف باسم "قمة الوفاق والاتفاق"، واختير جلالة الملك الحسين رئيساً للمؤتمر، وتولّى الأمير الحسن بن طلال رئاسة الوفد الأردني.
وألقى الحسين خطاباً في افتتاح المؤتمر، يوم 8 تشرين الثاني، شدّد فيه على أهمية استعادة التضامن العربي وتطوير العمل العربي المشترك. وقال جلالته إن العلاقات الثنائية -على قيمتها وفائدتها-لا يمكن أن تكون بديلاً عن العمل الجماعي، وإن أشدّ مصادر الخطر والتهديد فتكاً هو الفرقة والتناحر.
كما ألقى جلالته خطاباً أمام المؤتمر، يوم 9 تشرين الثاني، قال فيه إنّ المشاكل التي تواجهها الأمة تتطلب صراحةً غير عادية، فمن جهة هنالك الجانب العربي من المشكلة المتصل بالنظام العربي والعلاقات العربية-العربية. ومن جهة أخرى، هنالك الجانب المتصل بعلاقات العرب بالآخرين، سواء أكانت علاقات تعاون أو نزاع. وهما جانبان متداخلان، لا يمكن الفصل بينهما.
وفي كلمته في الجلسة الختامية للمؤتمر، يوم 11 تشرين الثاني، دعا جلالته إلى أن تكون المصارحة والمكاشفة سبيلَ القادة العرب والسلوك الذي يتبعونه في علاقاتهم، لسدّ الطريق أمام سوء الفهم ومضاعفاته وتراكماته.
وأسفر المؤتمر عن النتائج التالية:
1. إقرار المبدأ القائل إنّ إعادة العلاقات السياسية مع مصر، تتعلق بسيادة كل دولة.
2. المصالحة بين الرئيسيَن السوري حافظ الأسد والعراقي صدام حسين، بعد قطيعة استمرت سبع سنوات.
3. المصالحة بين الحكومة الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، واتفاقهما على استئناف الحوار.
4. التنديد الجماعي بإيران لإصرارها على استمرار الحرب واحتلالها أرضاً عراقية واعتداءاتها واستفزازاتها ضد الكويت والسعودية ودولة الإمارات.
5. الاعتراف بضرورة تغليب المصلحة القومية على المصلحة القُطْرية.
6. التوجّه نحو إيجاد حلّ لمأساة لبنان.
7. تأييد السعودية في إجراءاتها للحفاظ على سلامة الحجاج.
وقد نجحت قمة عمّان في إقناع معظم الدول العربية بضرورة دعم العراق في وجه العدوان الإيراني، وعودة مصر إلى الصفّ العربي، حيث بدأت معظم الدول العربية بإعادة علاقاتها بمصر بعد المؤتمر.
وقد أشاد جميع رؤساء الوفود بالمساعي الحميدة لجلالة الملك الحسين بن طلال، وحنكته، وطول البال الذي تحلّى به، وحسْن تقديره للأمور، وقدرته على إقناع الدول العربية بالمشاركة في المؤتمر رغم كثرة الخلافات البينية، وحرصه على الخروج من المؤتمر بنتائج طيبة بعد قطيعة استمرت سنوات.
