- شيّد بنو هاشم العديد من الدول والممالك في جزيرة العرب وبلاد الشام وبلاد الرافدين وشمال إفريقيا والمغرب العربي، امتدّت على مر العصور منذ عهد جدِّهم الأوّل قُصَيّ بن كلاب، حينما أسّس لقبيلة قريش دارَ الندوة مقرّاً للحكم والسياسة في مكّة لإدارة شؤونها الدينية المتمثلة في الحجّ وما يتبعه من سدانة الكعبة والرفادة والسقاية، وإدارة شؤونها العسكرية بما يُعرف بـ”اللواء” والقيادة وحلف الفضول لردّ الفضول إلى أهله ورفع الظلم، وكذلك تنظيم مصالحها وشؤونها التجارية.
- وبرز شأن بني هاشم في عهد عمرو بن عبد مناف، الملقب بـ”هاشم” لِهَشْمِهِ الثريدَ لقومه في السنين العجاف، وهو حفيد قُصَيّ بن كلاب، وأول مَن سَنّ “الإيلاف” ورحلة الشتاء والصيف لقريش.
- وواصل الهاشميون دورهم في عهد رسول الله ونبيّه محمد -صلّى الله عليه وسلم-، فمنهم مَن وقف إلى جانبه وحمل رسالة الإسلام ودافع عنها ونشرها فكان منهم القادة والسادة والعلماء والخلفاء مثل علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- رابع الخلفاء الراشدين، وعبدالله بن العباس (حبْر الأمة)، وحمزة بن عبد المطلب (أسد الله)، وجعفر بن أبي طالب (الطيّار) -رضي الله عنهم جميعاً-. وتعاظم دَور بني هاشم عندما أسسوا الــدولة العباسية، والدولة الفاطمية، والـدولة العلوية في المغرب، وغيرها من الدول.
- يمتدّ نسب الأسرة الهاشمية إلى ذرّية الحسن بن علي مِن نسْل أهل البيت، الذين عُرفوا بأشراف مكة والذين تولّوا زعامتها وحكموا منطقة الحجاز بما ينوف على ألف سنة (967-1925م)، وحوالي ألفَي عام من الوجود المسجّل، وهي بذلك من أقدم الأسر الحاكمة في العالم وأعرق الأسر العربية. ويتفرع أيضاً من نسل أهل البيت الأسيادُ، وهم أحفاد الحسين بن علي بن أبي طالب.
- وتوارث الأشراف من آل البيت إمارة مكة منذ عام 967م، وفي عام 1908م بدأ العهد السياسي الجديد والدور الكبير لبني هاشم الأطهار، والذين حافظوا على عهدهم وواصلوا نذْرَ أنفسهم لخدمة العرب والمسلمين في العصر الحديث على يد شريف مكة وأميرها الشريف الحسين بن علي، مفجِّر الثورة العربية الكبرى وقائد نهضتها العربية عام 1916، والتي حمل ألويتها أنجاله علِيّ وعبدالله وفيصل وزيد والأحرار العرب من أجل حرية البلاد العربية ووحدتها واستقلالها؛ فأدّت إلى تغيير ملامح التاريخ العربي الحديث في المنطقة العربية، حيث تمكّن الشريف الحسين بن عليّ من إنشاء أول حكومة عربية في الحجاز عام 1916 لتصبح في ما بعد “المملكة العربية الهاشمية”، وأسّس الأمير فيصل الحكومة العربية في سوريا عام 1918 وبويع ملكاً عليها حتى معركة ميسلون (24 تموز1920)، وأسّس الملك فيصل المملكة العراقية عام 1921، وأسس الأمير عبدالله إمارة شرق الأردن عام 1921، والتي أصبحت “المملكة الأردنية الهاشمية” في عام 1946.
- واستمرت مسيرة الهاشميين في الدفاع عن قضايا أمتهم وأهدافهم القومية والعربية، فبذلوا الغالي والنفيس وقدموا التضحيات تلو التضحيات من أجل رفعة الأمة وحريتها ووحدتها، وهو ما جسّده الشريف الحسين بن علي (أبو الشهداء) عندما ضحّى بمُلكه على أن يفرِّط بشبر واحد من فلسطين، وفضّل النفي على المُلْك في سبيل ذلك. وما وجود ضريح الشريف الحسين بن علي في حرم المسجد الأقصى في القدس الشريف، إلّا دليلٌ على تلك التضحيات وعلى مكانة القدس في قلب الشريف الحسين الذي قام بأول إعمار هاشمي للمسجد الأقصى في العصر الحديث عام 1924.
- وحمل الأمير عبدالله بن الحسين -طيّب الله ثراه-، لواء النهضة والقيادة عندما أسس إمارة شرق الأردن في شهر آذار من عام 1921، ثم أصبح ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية (1946) التي غدت الوريثَ الشرعي والوحيد للثورة العربية الكبرى ونهضتها، فكانت حقبةُ حكمه (1921-1951) حقبةَ التأسيس والاستقلال. تلاه في الحكم جلالة الملك طلال -طيّب الله ثراه- والذي كانت فترة حكمه على الرغم من قِصَرها (1951/1952) حافلة بالإنجازات الداخلية والخارجية.
- وفي الثاني من أيار 1953، أتمَّ الملك الحسين بن طلال الثامنة عشرة من عمره، فتولّى سلطاته الدستورية لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الأردن الحديث والمعاصر، هي مرحلة البناء والإنجاز التي عبّرت عنها مقولة جلالته “فلنبنِ هذا البلد ولنخدم هذه الأمة”. فقد واصل الحسين مسيرة البناء والعطاء والنهضة حتى سلّم أمره لله (1999) وهو مرتاح الضمير تاركاً للأجيال من بعده إرثاً حضارياً راسخ البنيان، ونظاماً سياسياً مستقراً قام على نهج التسامح والعفو والوسطية، حتى غدا الأردن قدوة لسائر الأقطار الأخرى في هذه المنطقة.
- وانتقلت الراية الهاشمية بعد وفاة الحسين بتاريخ 7 شباط 1999 إلى يدِ وليّ عهده وابنه الأكبر، الأمير عبدالله بن الحسين، استناداً لأحكام الدستور، فأدّى اليمينَ الدستورية في اليوم نفسه أمام مجلس الأمة ملكاً للمملكة الأردنية الهاشمية، ليواصل بحنكته واعتداله ووسطيته، مسيرةَ البناء والنهضة، وحَمْل رسالة الإسلام والدفاع عنه، محافِظاً على استقرار الأردن وأمنه ليبقى سدّاً منيعاً في وجه التحديات والأزمات، وواحةَ سلام، وموئلاً هاشمياً لكل العرب.