مسجد الملك الحسين بن طلال
تخليداً لذكرى المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، وما قدّمه في سبيل بناء الأردن الحديث ورفعته وازدهاره، وضع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في 1 كانون الأول 2002، حجرَ الأساس لمسجد المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه.
وافتُتح المسجد الذي يقع في منطقة دابوق، في 12 نيسان 2006 برعاية جلالة الملك عبدالله الثاني. ويتميز بشكله المربَّع ومآذنه الأربع وأرضيته الرخامية. وقد شُيّد فوق أرض تقدَّر مساحتها بنحو 60 ألف متر مربع، وهو يتسع لنحو 5500 مصلٍّ ومصلية، وبلغت مساحة البناء فيه نحو 8 آلاف متر مربع، وخُصّصت بقية المساحة لمواقف السيارات التي تتسع لـ 450 سيارة، وللشوارع الداخلية والممرات والأرصفة والأدراج وأحواض الزارعة والمساحات الخضراء.
اتّخذ المسجد شكلَ حصنٍ إسلامي تتجلّى فيه روعة التصميم بمحاكاته أسلوب العمارة الإسلامية، وجمعه الحداثةَ والأصالة في النقوش الإسلامية البارزة على الجدران والأقواس والقناطر والأرضيات، ليكون شاهداً من الشواهد التي تذكّر بمدى اهتمام الهاشميين بعمارة بيوت الله.
ويغْلُب على تصميم المسجد طراز العمارة الإسلامية الخاص بمنطقة بلاد الشام، والذي يبدو جلياً في الواجهات الداخلية والخارجية التي اكتست بحجر البناء الأردني بالألوان والأنماط والتشكيلات والنقوش الإسلامية، وقد تكرر هذا الأسلوب في جميع أرضيات الفناءات والمداخل والممرات التي تحيط بالمسجد. ويتكون بناء المسجد من طابق أرضي وطابق فوقه بالإضافة إلى طابق الميزانين.
ويتميز الطابق الأرضي للمسجد بمداخله ذات الأقواس الحجرية العالية التي تصل إلى 10 أمتار وأسطح وواجهات حجرية موشّاة بالتشكيلات والنقوش الإسلامية، لتعلو القبةُ الرئيسيةُ منطقةَ المصلّى الرئيسي الداخلي بارتفاع 31 متراً، ويتميز سقفه بالقناطر والقباب. فيما غُطّيت منطقة المصلّى الخارجي بمجموعة من القباب التي تم إنشاؤها وتشكيلها باستخدام الخرسانة المسلّحة، وهي تضمّ مناطق الوضوء والملاحق الأخرى.
ويتوسّط طابقُ الميزانين المصلّيَيْن الداخلي والخارجي، وهو عبارة عن جناحين خُصّصا كمصلّى للنساء مع أماكن للوضوء. أما الطابق الأول فيضمّ جناحين خُصِّصا للمكاتب ولتوفير مساحات لأغراض تدريس القرآن الكريم وتحفيظه، إلى جانب مكتبة خاصة بالمراجع الدينية.
ويمثل محراب المسجد تحفة فنية إسلامية تذكّر بالمحاريب الإسلامية التقليدية المصنوعة من الخشب الخالص، أبدعته أيدٍ أردنية من طلبة كلية الفنون الإسلامية التقليدية التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية مستخدمين خشب الجوز والبلوط بربطه بطريقة "التعشيق" للتثبيت، أي من دون استخدام مواد اللصق أو المعادن، وهو الأسلوب نفسه الذي اُستخدم في صنع منبر صلاح الدين الأيوبي بالمسجد الأقصى.
ويحتوي المحراب الذي شارك في صنعه صنّاعٌ مهَرة من أنحاء العالم الإسلامي، في هيكليته وتفاصيله الزخرفية، العديدَ من الرموز الرقمية ذات الجودة العالية، ومنها أحد عشر جزءاً مزخرفاً على شكل شبه دائرة للمشكاة، أو ضمن الأنماط الهندسية العليا في المشكاة بتناسق هيكلي يُعدّ واحداً من اللغات الرمزية الموجودة في جميع الفنون الإسلامية.
وتنهض على زوايا المسجد أربع مآذن يمكن رؤيتها بوضوح من معظم مناطق العاصمة، وتعلو كلَّ واحدة منها قبةٌ، ولها شرفات يمكن الوصول إليها من خلال السلالم الداخلية، وتصل إلى ارتفاع 46 متراً من منسوب أرضية المسجد.
ويضمّ حرم المسجد متحفاً أُطلق عليه اسم "متحف الرسول"، ويحوي عدداً من الآثار النبوية الشريفة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، منها شَعرة من شَعراته، ورسالته إلى هرقل ملك الروم. وقد زُرع أمام المتحف غرسة من الشجرة التي استظل بها الرسول الكريم أثناء مروره بمنطقة الصفاوي في الأرض الأردنية.